استضافت قاعة إفريقيا بجامعة إفريقيا العالمية بالخرطوم يوم  السبت  الثالث والعشرين من مارس 2019م فعاليات الاحتفال بالذكرى التاسعة والخمسين لوفاة  الإمام النورسي  التي درجت منظمة وقف الخيرات على إقامتها كل عام، ويأتي هذا الاحتفال الخامس لهذه الذكرى بالخرطوم، وتأتي كل الاحتفالات تحت شعار ( ها قد أجبناك) وهو رمز لانتشار دعوة رسائل النور في الأجيال كما توقع ذلك الإمام النورسي وهو يخاطب المنكرين من معاصريه، وقد شهد الاحتفال جمع غفير من طلاب جامعة افريقيا العالمية من مختلف الجنسيات من العالم الإسلامي يتقدمهم ثلة من اساتذة  الجامعات والإعلاميين، كما شارك بالحضور والحديث الدكتور مصطفى داداش الملحق الديني التركي بالخرطوم، وأشرف على الاحتفال طلاب رسائل النور ومنظمة وقف الخيرات بالخرطوم بقيادة الأستاذ إسماعيل قايا ممثل وقف الخيرات بالخرطوم، وقدم الندوة التي صاحبت الاحتفال الدكتور محمد عثمان عبد الله نائب عميد كلية  الدراسات الإسلامية بجامعة إفريقيا العالمية. ويذكر أن هذا الاحتفال يقوم متزامنا مع عدد من الاحتفالات بعدد من الدول الإفريقية كما أعلن ذلك  الأستاذ إسماعيل قايا ممثل وقف الخيرات بالخرطوم.

الأستاذ إسماعيل قايا ممثل وقف الخيرات بالسودان والمشرف أوضح أن الإمام النورسي نُفي إلى قرية بارلا عام 1927م وهو في الخمسين من عمره، حيث بدأ في تأليف رسائل النور من أجل إيقاظ الإيمان في النفوس، وأشار إلى أن  المعضلة لازالت قائمة بعد أكثر من  نصف قرن من وفاة النورسي وهي قضية ضعف  الإيمان، من أجل ذلك جعلنا موضوع هذه الندوة في هذا الاحتفال (محورية قضية الإيمان في رسائل النور)، وسيحدثنا الباحثون عن هذه القضية، ومن جهة أخرى ذكر  الأستاذ قايا أن هذا الاحتفال سيشهد أيضا توزيع الشهادات لمن حضروا مخيمات رسائل النور خلال العام الماضي، وقدم الأستاذ قايا تحية للحضور باسم الشيخ سعيد النوري مرشد طلاب رسائل النور، وقد تحية أخرى من ماليزيا التي جاء من زيارتها صباح اليوم، وكذلك تحيات إخوانكم طلاب رسائل النور في كل من بوركينا فاسو، والنيجر،  وساحل العاج، والسنغال ومشرفي مركز رسائل النور في هذه الدول  من الطلاب الذين درسوا بالسودان وأقاموا مراكز  لرسائل النور في دولهم، وفي نفس هذا اليوم يقيمون احتفالات أيضا بمناسبة الذكرى التاسعة والخمسين لوفاة  الإمام النورسي.

الأستاذ يوسف موسى الباحث في رسائل النور قدم كلمة في الاحتفال بعنوان (بناء الإيمان عند النورسي) وقال إن الإيمان كما عرفه  الإمام التفتازاني هو نور يقذفه الله تعالى في قلب من يشاء من عباده وهو  تعريف مأخوذ من الآية (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ)، وفي كتاب الطلاسم يؤكد الإمام النورسي أن الله يصرف قلب العبد للإيمان ويتحقق العبد بالهداية، وعرّف النورسي الإيمان بأنه ( هو النور الحاصل بالتصديق بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم) وأن الإيمان حقيقة تنشأ عن الأركان الستة ولا يقبل التجزئة، وأن الإيمان نور وقوة، والإنسان عندما يتحلى بالإيمان يستطيع أن يتحدى الكون، والإنسان إذا أراد أن يقطع مسافة الحياة تواجهه الكثير من المشاكل، لكنه إذا استند إلى الله تعالى استطاع مواجهة هذه المشاكل، وأن الذي يعرف الله تعالى ويطيعه يكون سعيدا ولو كان في زنزانة، والذي يعصى الله تعالى يكون في زنزانة ولو كان في قصور مشيدة، وأن النعمة الكبرى واللذة الصافية بمعرفة الله تعالى، وبالإيمان يستطيع الانسان أن يغير نظرته للحياة.

الدكتور محمد مصطفى محمد صالح أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الخرطوم قدم كلمة بعنوان (الإيمان وتأثيره على السلوك)، وأشار إلى الكلمة الثالثة والعشرين للإمام النورسي التي أشار فيها إلى الآية ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) وأوضح فيها أن الانسان يكتسب قيمة تبلغه الجنة والإيمان انتساب لله تعالى، وأن الانسان بالإيمان يكتسب رؤية إيمانية يتعامل بها مع عالم الغيب  والشهادة ومع أخية الإنسان ومع الكون كله وفق هذه النظرة  القائمة على الإيمان، وأن الإيمان يترك آثارا إيجابية على السلوك، والإيمان يعصم المؤمن من التشتت والتيه الذي يقع فيه بعض الفلاسفة، والإيمان يقتضي التوحيد،والتوحيد يقتضي التسليم، وهذا يقتضي التوكل الذي يؤدي للسعادة، والإيمان يستقر في القلب لكنه يظهر في السلوك وفي واقع الحياة.

الدكتور مصطفى بولنت داداش الملحق الديني التركي بالخرطوم تحدث في كلمة بعنوان (أدلة وبراهين الإيمان)، وأشار إلى أن الإمام النورسي يمثل محيطا كبيرا ولم اقترب من هذا المحيط إلا بملعقة صغيرة ولست متخصصا في الإمام النورسي ولا في رسائل النور، ثم تحدث أنه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بمائة عام ظهرت مذاهب جديدة لم تكن موجودة أيام الصحابة، كالمعتزلة، والجهمية،وتصدى لهم علماء أهل السنة، ونحن لا نكفر أحدا من المسلمين كما أثبت الإمام الأشعري في مقالات الإسلاميين، وفي القرن الثالث الهجري ظهرت فتنة الفلاسفة، وقاومهم العلماء كذلك كالإمام الغزالي الذي أشار إلى أنه استفاد من المعتزلة في جدال الفلاسفة، ولكن انتشار الإلحاد وإنكارهم لوجود الله  تعالى لم يسبق مثيل له في التاريخ الإسلامي، ومن هنا ندرك أهمية جهود النورسي في هذا المجال.وهناك أربعة احتمالات بالنسبة لخلق الكون: إما أن يكون تشكل بنفسه، وإما أوجدته الأسباب، أو أن الطبيعة اقتضت ذلك، أو أوجده خالق متصف بكل صفات الكمال ومنزه عن صفات النقص. وضرب لذلك مثلا الأدوية الموجودة في الصيدلية هل من السهل أن نقول صنعها صيدلي خبير، أم نقول صنعتها الصدفة، وهذا القول الأخير من يقول أحمق من الحمار.ونجد في القرآن الكريم أدلة كثيرة على وجود الله تعالى، والنورسي ما جاء به موافق لما جاء في القرآن الكريم، ومنهج القرآن الذي  يدعو للتفكر هو أفضل منهج لإثبات وجود الله تعالى.

ثم تقدم الطالب محمد المهدي من اليمن ليلقي كلمة نيابة عن الدارسين بالمخيمات، حيث شكر  القائمين على منظمة وقف الخيرات بالخرطوم على إقامة هذه المخيمات التي ذكر أنهم استفادوا منها كثيرا، كما امتدح منهج رسائل النور في تزكية الإيمان وإيقاظه في النفوس، متمنيا أن تستمر مثل هذه المخيمات للشباب، وأعقبه الطالب بشير عبد الواحد من تشاد الذي أكد استفادتهم كشباب من قيام هذه المخيمات ودعا الشباب للانخراط في مثل هذه المخيمات.

وقد قدم الطلاب من اليمن في نهاية الحفل تمثيلية صامتة قدمتها فرقة أشرف عليها الطالب محمد المهدي بمساعدة زملائه، وفحواها أن رسائل النور فيها إجابة على كل التساؤلات التي تدور في ذهن المسلم المعاصر وتيقظ إيمانه، كما أنها القادرة بعون الله على مواجهة  الإلحاد  والأفكار الضالة وما تجلبه العولمة من أفكار مصادمة للدين وثوابت الأمة.

وقد قام المشرفون على منظمة وقف الخيرات بالإضافة لبعض الضيوف الكرام بتقديم الشهادات التقديرية لكل الدارسين بالمخيمات خلال العام الماضي، واختتم الحفل بآيات من الذكر الحكيم.